لليوم الثاني على التوالي، خرج المئات من المواطنين إلى شوارع العاصمة الليبية طرابلس مطالبين برحيل رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، في ظل توتر أمني وسياسي متصاعد أعقب اشتباكات دامية شهدتها المدينة هذا الأسبوع.

وتجمع آلاف المتظاهرين في ميدان الشهداء وسط طرابلس، قبل أن يتوجهوا إلى مقر الحكومة، مطالبين بإسقاطها، ومنددين بسيطرة الجماعات المسلحة على المشهد الأمني في العاصمة. وقُتل عنصر أمن خلال محاولة محتجين اقتحام مقر الحكومة، بحسب ما أفادت به السلطات، التي اعتبرت الحادثة "تعدياً مباشراً على مؤسسات الدولة"، متهمة من وصفتهم بـ"مندسين" ضمن الحشود.

وشهدت طرابلس منذ ليل الإثنين الماضي ثلاثة أيام من العنف المسلح، بدأت بعد أن أطلق "اللواء 444" التابع لوزارة الدفاع عملية استهدفت "جهاز دعم الاستقرار"، وأسفرت عن مقتل قائده عبد الغني الككلي، أحد أبرز القادة الأمنيين وأكثرهم نفوذاً في العاصمة منذ عام 2011.

ووفقاً للأمم المتحدة، أسفرت الاشتباكات عن مقتل ثمانية أشخاص، في حين أشارت مصادر طبية وإعلامية إلى استخدام أسلحة ثقيلة وقذائف مدفعية داخل أحياء مأهولة، مما زاد من حالة الهلع في أوساط السكان.

ورغم عودة الهدوء النسبي إلى المدينة يوم السبت، وعودة الأهالي إلى أعمالهم، وفتح محطات الوقود والأسواق، فإن الغموض السياسي لا يزال يخيم على المشهد. إذ أفادت تقارير محلية باستقالة ستة وزراء ونواب وزراء في حكومة الدبيبة، فيما أكد اثنان منهم استقالتهما رسميًا.

وأعلنت ستة مجالس بلدية في غرب العاصمة تأييدها لمطالب المتظاهرين، بينما كشف رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري عن بدء "مشاورات مع البرلمان" لاختيار شخصية جديدة لتشكيل حكومة بديلة.

وفي المقابل، ظهر عبد الحميد الدبيبة السبت في أول صورة له منذ اندلاع الاشتباكات، وأكد خلال لقائه وفودًا من وجهاء طرابلس ومصراتة أنه يعمل على إنهاء العنف "بأسرع وقت ممكن" عبر نشر القوات الأمنية. وفي خطاب مصور، دعا الدبيبة المواطنين إلى "دعم جهود الدولة" لتجنب "العودة إلى الفوضى وحكم المليشيات".

وفي ظل هذه التطورات، أعلنت تركيا –التي تدعم حكومة طرابلس– إجلاء 82 من رعاياها يوم الجمعة بسبب "انعدام الأمن"، حسب ما أفاد مصدر في وزارة الخارجية التركية.

ومنذ سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011، تعيش ليبيا على وقع الانقسام السياسي والأمني، بين حكومتين متنافستين: واحدة في طرابلس برئاسة الدبيبة وتعترف بها الأمم المتحدة، وأخرى في الشرق برئاسة أسامة حماد وتحظى بدعم البرلمان والمشير خليفة حفتر.

ورغم الهدوء النسبي الذي شهدته العاصمة منذ وقف إطلاق النار عام 2020، إلا أن الاشتباكات المتكررة بين الفصائل المسلحة ما تزال تهدد الأمن والاستقرار في البلاد.

م.ال

اضف تعليق